همسه بغداديه ﺻﺂﺣﺑة آﻟﻣ̝̚ﻧﭠﮃـﮯ
الجنس : الابراج الغربيه : الأبراج الصينية : عًمٍرْىً..~ : 29 تَقيميَ..~ : 5 مُشَآرڪٍآتى ..~ : 1590 نُققِآطَي...~ : 53108 ﮃۆﻟــﭠـــﮯ * : العراق ŜṀŜ..~ * : Do not expect one else love him if I have to love the two in my life You'll love you and you :-*
| موضوع: الرجل الذي لا تعرف اسمه الجمعة أغسطس 12, 2011 5:21 pm | |
|
طلبوا من المدير أن يسمح لهم بالوقوف بضع دقائق أمام الجدار الذي أحرق العامل نفسه بقربه. كانوا خمسة، رؤساء الدوريات الأربعة وهي، كانوا يتحدثون باسم عمال المصنع الألف وخمسمائة.
المدير الجالس على رأس المائدة التي تحلقوا حولها، قال كلاما كثيرا، يشاركهم الحزن والأسى. يشعر بهلعهم، ويتألم لمصابهم. يقدر وفاءهم لزميلهم، يرى أن الإدارة ملزمة بوضع يدها في أيديهم، والتحرك معا، تحدث إلى المسؤولين في العاصمة، وهم في الطريق إلى البلدة، سيوارَى العامل الثرى بحضورهم، سيحظى بجنازة مهيبة، وسيُنظم تجمع بعد ذلك، تُلقى فيه الكلمات، ويستمع فيه المسؤولون للعمال، والعمال للمسؤولين. سيكون اللقاء علامة فارقة في تاريخ الشركة، وستُبنى عليه رؤية جديدة لعلاقات متميزة وشفافة وصادقة بين من يسيّر هذا الصرح الاقتصادي، ومن يعمل فيه. كلام كثير... فهمت منه شيئا واحدا، لن تكون هناك وقفة أمام الجدار، عليهم أن يلتحقوا بعملهم، ويبلعوا ألسنتهم.
وقف المدير يحييهم، لم يمد يده إليهم، وإنما حرك رأسه وابتسم ابتسامة صفراء، وكادت تسمع تنهيدته الضجرة وهي تغادر المكتب مع الآخرين. مات رقم أربعمائة وواحد وخمسين بلا فائدة. لمحت رئيس شؤون الموظفين في البهو الخارجي. يتحدث مع شخصين يرتديان ملابس رسمية مثله، ترددت ثواني، ثم توجهت نحوه. كم من مرة ستتاح لها فرصة لقائه وجها لوجه؟
استأذنت في أن تأخذ من وقته دقيقة، نظر إليها ببرود، وتنحيا جانبا، ذكرته بموضوعها. طلب الانتقال الذي لم يوقعه بعد، حالة زوجها تسوء كل يوم أكثر، وعليها أن تأخذه للعلاج قبل أن يفوت الأوان. بدا أنه لا يعرف عما تتحدث، أو لعله تظاهر بذلك، كتبت له عشرات المراسلات، وبعثت من يكلمه، وحاولت لقاءه في مكتبه دون جدوى. تنهدت، وذكرته بأنها تريد الانتقال لأحد معامل الشركة في الدار البيضاء، زوجها يعاني من مرض خطير، ويحتاج لعلاج لن تجده في غير مستشفيات هذه المدينة، تريد أن تذهب في أسرع وقت، وقد وجدت من يبادلها، سيدة أخرى تفضل العمل في منطقة هادئة، لا تحتاج سوى لتوقيعه.
نظر لساعته، ورد بأن الأمر لا يمكن مناقشته على عتبة الباب، ينبغي له مراجعة طلبها، عليها أن تلتحق بعملها، وسيأتيها جوابه لاحقا.
غادرت المبنى بقلق، ووجدت زملاءها يسبون المدير ويتوعدونه، يبخل عليهم بساعة يترحمون فيها على المسكين الذي قتله ظلم الإدارة وتجبرها؟ سيرى، سيجعلونه يندم على الساعة التي جلس فيها على كرسيه اللعين، سيفضحونه أمام رؤسائه القادمين من العاصمة، سيمرغون كرامته في التراب.
بدأ الاتفاق على الطريقة التي سيحول بها العمال اجتماعهم بالمدير ومسؤولي العاصمة إلى تظاهرة صاخبة، تصل أصداؤها إلى كل وسائل الإعلام. وقفت تستمع إليهم، وتهز رأسها، وقلبها مقسم بين زوجها الراقد في الفراش، وطلبها المهمل على مكتب رئيس شؤون الموظفين، وزملائها الساخطين على شلة الفساد التي تستغلهم وترمي الفتات لهم. بدأت تفهم كيف وصل اليأس برقم أربعمائة وواحد وخمسين إلى حد حرق نفسه بجانب حائط الإدارة.
رافقت زملاءها بعد انتهاء العمل، كما اتفقوا، إلى الزاوية الخلفية لمباني المعمل، تعلقوا بالسياج الحديدي المحيط بالمباني، هناك، تحت نوافذ غرف الإدارة، هالة متفحمة لم تتم إزالتها بعد من على الجدار، بقايا عملية الحرق الفظيعة التي لم يشهدها أحد. جاء العامل مبكرا، أشعل النار في جسده في ذلك المكان الذي يحمل أكثر من معنى، وراح دون أن يترك رسالة ولا توضيحا، لم يكن يحتاج لذلك في كل الأحوال، الكل يعرف ما يحصل خلف قضبان السياج الحديدي. صمتوا دقيقة، وترحموا على رقم أربعمائة وواحد وخمسين. وانفض جمعهم في سكون. قضت ليلة أخرى فظيعة قرب زوجها دون أن تتوقف تقريبا، وبكت عدة مرات، الموت أرحم له، فكرت بينها وبين نفسها، وغمرها حزن دفين. فوجئت بجواب رئيس شؤون الموظفين يصلها في اليوم التالي، تطلعت للورقة بأمل. ومادت بها الأرض، «يؤسفنا إعلامكم بأن طلب الانتقال الذي تقدمتم به لا يناسب التنظيم الهيكلي الحالي للقسم الذي تعملون فيه، وبناء عليه فقد تم رفض هذا الطلب...«.
| |
|